جعفر البندر . مقالات .مجزرة السنك والخلاني “بتواطئ أمني وصمت حكومي”.
لا بد من التركيز على الخساسة التي إِرتُكِبَت بها هذه المجزرة، حيث قام ما يسمى بالطرف الثالث، الذي يسرح ويمرح اليوم في العراق كما يشاء وتحت أنظار السلطة وبتواطىء مكشوف منها، بزَجَّ مجموعة من أقزامه وعلى طريقة الجريمة المنظمة لِيَنْدَسّوا بشكل خبيث وخسّيس بين صفوف المتظاهرين السلميين، وقد تم تقديم الخدمات اللازمة لهم من قبل المتظاهرين مثل الطعام والفراش وغيرها. أخذ هؤلاء يتوزعون بين المتظاهرين هنا وهناك ويراقبون نُشَطائِهم للإنقضاض عليهم. لم يخلد في ذهن أحد من المتظاهرين السلميين بأن هؤلاء النزلاء الجبناء ما هم إلا سكاكين غدر وخيانة بين خواصرهم وإنهم ينتظرون إشارة أسيادهم القتلة الفعليين لينقضّوا عليهم. وهذا ما حصل فعلاً حيث تفاجأ المُضَيّيفون الغافلون من المتظاهرين السلميين بإنطفاء الكهرباء في محيط السنك وتراجع ملحوظ للقوات الأمنية من نقاط التماس مع المتظاهرين (وهذه علامات التواطىء) وبعد ذلك وبشكل غير متوقع بهرولة النزلاء الجبناء بإتجاه سَيّارات عديدة قادمة من جهة شرق بغداد، أي من منطقة شارع فلسطين مروراً ب ـ منطقة النهضة ـ وهي محملة بالقَتَلَة المدججين بالسلاح الأبيض والأوتوماتيكي حتى بلغ عدد القادمين بالإضافة إلى أولائك المنتظرين لقدومهم قرابة ال 100 مجرم مع سبق الإصرار. جاءت أيضاً مع الزائرين الجدد صناديق الموت التي تحتوي على أنواع مختلفة من السلاح والعتاد فقام هؤلاء المندسون بإستلام هذا السلاح وإفراغه من صناديقه بالتعاون مع الوافدين إليهم وتوجيهه إلى رؤوس وصدور المتظاهرين السلميين المتواجدين في مأرب سيارات السنك وفي ساحة السنك وضواحيها، كما قاموا بتفتيش البعض من المتظاهرين وسلب ما معهم من أوراق ثبوتية وغيرها من مواد عينيَّة بما فيها تلفوناتهم وكاميراتهم ومحفظاتهم وإستصحبوهم معهم إلى جهات لا يعلمها إلا القائد الشهم للقوات المسلحة أو العود السحريَّة للطرف الثالث، إضافة لذلك قام هؤلاء القتلة بأعمال السب والشتم والظرب والتقريع بحق أعداد أخرى من المتظاهرين. لقد رفض 4 من المتظاهرين أن يسلموا مستمسكاتهم فقام هؤلاء القتلة المأجورين الأذلاء برميهم من طوابق مأرب السيارات ليستشهدوا على الفور ويلتحقوا بقوافل الشهداء الأبرار كما قاموا بإطلاق النيران والرصاص الحي وبشكل كثيف على المتظاهرين الذين لاذوا بالفرار لعدم تمكنهم من مواجهة هذا السيل من الرصاص وأعمال الغدر والخيانة التي ترتكب بحقهم. حاول المتظاهرون عبثاً الإستنجاد بالقوات المسلحة المتواجدة بكثافة في موقع الحدث ولكن دون جدوى حيث لم يكن لهؤلاء دور يذكر على الإطلاق مما إستدعى المتظاهرين لطلب النجدة من قبل ذوي القبعات الزرقاء من سرايا السلام الذين كانوا يتواجدون معهم فإستنجد هؤلاء بإخوتهم وهبوا لنجدتهم.
لقد توزع القتلة وبإتجاهات مختلفة وهم يطاردون المنتفضين ونالوا منهم برصاصهم الغادر الذي أوقع أكثر من 25 شهيداً في عمر الزهور وأكثر من 130 جريح البعض منهم إصاباتهم مميته وإعاقاتهم كبيرة كما قام القتلة برمي متظاهر آخر من على جسر السنك في نهر دجلة ليكون هو الآخر من شهداء الوطن والحرية والحقوق المسلوبة. لقد إنسحب هؤلاء النزلاء القادمون مع جنح الظلام ليغادروا قبل أن يتنفس اليوم الجديد وتشرق شمسه، إنسحبوا في عمق الظلام مكللين بالخزي والعار على صنعتهم الشنيعة ليتواروا إلى أحضان أسيادهم القتلة الفعليين.
لم تمضِ هذه الجرائم دون حساب وعقاب وسوف يُوقِعُ الشرفاء من أبناء الوطن العقاب الصارم بحق القتلة وأسيادهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزائهم الذي يستحقّون.
أعقب هذه المجزرة حالات سخط وإستياء وغضب واسع النطاق بين العراقيين وحملات إحتجاج دولية غير مسبوقة ضد ما يجري من قمع وإراقة للدماء البريئة من مختلف الهيئات الدولية من الهيئة العامة للأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ومجموعة الدول الأوربية والمنظمات الإنسانيَّة وغيرها لما يُرتَكب من فواجع ومجازر إنسانيَّة بحق أبناء العراق من المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم المشروعة وقد طالبت هذه الجهاة الحكومة العراقية بالكف عن الأعمال الإجراميَّة كما طالبتها بملاحقة المعتدين وإجراء التحقيقات اللازمة معهم وبصورة عاجلة ومحاسبة جميع المسؤولين عن عمليات القتل.