شهدت كوبا، أول من أمس الأحد، تظاهرات شعبية حاشدة، خرجت في مدن عدة، أبرزها العاصمة هافانا، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، وتراجع الخدمات الأساسية، لا سيما الكهرباء، بالإضافة إلى غلاء أسعار المواد الأساسية، من غذاء ودواء، وحتى فقدانها من الأسواق. وإذا كانت هذه التظاهرات، ومسبباتها، هي من النتائج الحتمية للعقوبات الأميركية القاسية التي استحدثها أو أعاد فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الجزيرة، ناسفاً الانفتاح التاريخي الذي أبداه سلفه باراك أوباما تجاه هذا البلد الكاريبي الجار للولايات المتحدة، والتي فاقمتها تداعيات وباء كورونا، إلا أنه لا يمكن إغفال عوامل عدة أخرى أدت إلى أن يطفح كيل الكوبيين، وساهمت في تأجيج حراك شعبي غير مسبوق في تاريخ الجزيرة منذ الثورة الكوبية، أو أقلّه منذ تظاهرات “المرحلة الخاصة” في العام 1994 (المعروفة باحتجاجات ماليكونازو)، حين واجه الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، تداعيات الأزمة الاقتصادية التي أصابت كوبا مع انهيار الاتحاد السوفييتي. وكانت قد سبقت تظاهرات الأحد حراكات متفرقة وتظاهرات خلال الأعوام الماضية، لا سيما في 2020، كان أبطالها الأساسيون فنانين ومثقفين وناشطين مدنيين، احتجاجاً على عنف الشرطة والقمع وغياب حرية الرأي والديمقراطية والسجن والملاحقات، إلا أنها لم تصل في العدد إلى حدّ ما شهدته تظاهرات أول من أمس. ولا يزال مبكراً الجزم أو الذهاب بعيداً في التنبؤ بمآلات هذه التظاهرات، إذا ما استمرت، وهو ما توقع النظام حصوله، لا سيما لجهة خطرها على الحزب الحاكم الذي تنحى عن قيادته راؤول كاسترو في إبريل/ نيسان الماضي.