ملــيـشيــات والأحــزاب تحــكــم اكـبــر ثـانـي خــزيــن نفــطــي بالعــالــم ,بقــلــم عــلــي جــعـــفـــر البــنــدر

ملــيـشيــات والأحــزاب تحــكــم اكـبــر ثـانـي خــزيــن نفــطــي بالعــالــم ,بقــلــم عــلــي جــعـــفـــر البــنــدر

من أبرز نتائج الحرب على العراق بعد عام 2003 ، ظهور الميليشيات والأحزاب المتعددة ، منها المتنفذة في الدولة والتي تمارس الخطف والسلب والاستيلاء على الممتلكات الشخصية لأبناء الشعب ، ثم امتدت واتسعت لتشمل أراضي وعقارات الدولة في بغداد والمحافظات ، وتصدَّرت ميليشيات وفصائل مسلحة مع الضعف الحكومي لإيقافها.

في ظل الحرب الطائفية ، وبعدها الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي ، تسيطر الأحزاب والكتل السياسية والمليشيات على مئات العقارات والبنايات والمواقع في العاصمة بغداد وباقي المحافظات والمناطق الاستراتيجية والصناعية والتجارية والخدمية ، وعلى المئات من البنايات والقصور والأماكن السياحية ، التي كانت تعود للنظام السابق والمسؤولين فيه ، حيث استولت تلك الأحزاب على تلك القصور في المحافظات الجنوبية والوسطى

حيث أصبحت الأحزاب تسيطر على مناطق كاملة في بغداد ، مثلا الجادرية والكرادة الحيويتين وسط العاصمة ، لحزب معين ، ومناطق الزعفرانية لحزب آخر ، إذ أصبحت كل منطقة باسم شخصية معينة تابعة لأحزاب او جماعات متنفذه ، او الاصح متمردة على القانون ، والدولة غير قادرة على ردعها ، اذ قامت تلك العصابات بتقسيم المناطق وبيعها

اليوم في العراق 291 حي عشوائي ، وهي في تزايد ، في حين تسيطر بعض المليشيات  على عدد من المقرات والأبنية والمواقع في مناطق شرقي بغداد ذات الأغلبية الشيعية ، كمناطق بغداد الجديدة والمشتل والحسينية ومدينة الصدر
وتسيطر على أجزاء من مطار المثنى ، وترفض هذه الأحزاب تسليم هذه العقارات للحكومة العاجزة عن محاسبة هذه الأحزاب ، كونها عصابات كبيرة مدعومة ومسيطرة على مفاصل ومقدرات الدولة ، وتشغل عددًا كبيرًا من الأبنية الحكومية خصوصاً وإنَّ هذه الأحزاب وميليشياتها هي متمكنة من اقالة وإعفاء وتنصيب مديري دوائر وموظفين كبار وفقاً لمزاجها وأهوائها ومصالحها الشخصية و الحزبية.ويتواجد في محافظة البصرة واحد من كل خمسة من هذه المجمعات العشوائية ، لتأتي في المرتبة الثانية بعد محافظة بغداد.
وتخسر ميزانية البصرة ، المخصصة وفقا لعدد سكانها ، اعتمادا على الاحصاء الرسمي ، مبلغا يوازي كلفة بناء كل منزل يبنى بشكل عشوائي ، لأن هذه المجمعات غير مثبتة ضمن المخطط السكاني للمحافظة.
اما الضرائب ورسوم المياه والكهرباء ، فإن سكان العشوائيات لا يدفعونها ، مؤكدة ان ذلك يؤثر على “الموازنة الخاصة بالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات”.

هذا فضلا عن ضعف الأجهزة الرقابية ، وانعدام سيطرة الدولة على الممتلكات ، التي فسحت المجال لهيمنة الأحزاب وحتى الفصائل المسلحة لاحتلال البنايات والقصور والعقارات العامة ، ووجود بعض الجهات الرسمية التي تستولي على عقارات الدولة ، لكنها غير مرخص لها بشغل هذه الأماكن ، ولو كانت هناك إجراءات صارمة لما تمكن هؤلاء من الاستيلاء عن الأملاك العامة .
وأضافت نجيب ، ان الدولة العراقية يمكن لها أن ترفع دعاوى قضائية للقضاء العراقي وتغرم هؤلاء بما انتفعوا به من تلك العقارات التي تعود لملكية الشعب ، فالأحزاب اليوم في العراق لديها أملاك طائلة وليست فقيرة . وانه لم يبق للحكومة سوى 60% فقط من الأملاك التي مازالت تحت تصرفها ، أما الآن فقد شرعت الحكومة بدراسة فكرة التصرف بأكثر من 600 ألف عقار تابع للدولة ، ضمن خطتها لمواجهة الأزمة المالية بفعل تراجع أسعار النفط .
وفي سياق متصل ، وصفت عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي نورة البجاري ، حجم الفساد والصفقات المشبوهة في هذا الملف بأنه “أكبر ملف فيه فساد” ، مؤكدة أن “قسماً من تلك العقارات والقصور والبنايات تقدّر بمليارات الدولارات ، فيما باعت الحكومة بعضها بأثمان بخسة ، على أساس أنها أسعار الدولة ، أو في المزادات الصورية التي تعلن عنها ، وهي أيضاً يشوبها الفساد ، حيث لا تخضع لمعايير المزادات الحقيقية ، وتخضع لمصالح أشخاص متنفذين في الدولة”.

وبينت البجاري ، ان “بعض الأحزاب السياسية والشخصيات استولت على هذه البنايات الكبيرة ، وكأنها ملكٌ لها ، وادعت أنها تضحي لأجل البلد ، ولها الفضل في تغيير النظام السابق ، ومن ثم تمت السيطرة على الكثير من العقارات بهذه الحجة”.
وتابعت البجاري “استولى بعض المتنفذين على بيوت كبيرة لمسؤولين في النظام السابق تم التجاوز عليها ، وبعضهم زوّروا لها سندات وتم شراؤها من الدولة بأسعار زهيدة لا تساوي شيئاً”.

وأضافت البجاري ان ” نحو 600 ألف عقار تمتلكها الدولة هي الآن مستغلة من قبل متنفذين ، وأغلب الكتل لا تريد فتح هذا الملف كونه يضرب مصالحها ، موضحةً أن بعض العقارات تم بيعها لأشخاص وأحزاب سياسية ” .
ويؤكد خبراء في القانون ، ان هذه العقارات بعضها تم إيجارها ، والبعض تم شراؤها بأثمان بخسة ، تنم عن صفقات فساد وتحت ضغط من المتنفذين ، إذ ان هذه الأبنية خاضعة لقانون بيع وإيجار أموال الدولة.

وان لجان التثمين تم التلاعب بها بحجة أسعار السوق ، رغم أن هذه التقييمات المالية واضحة الضرر للدولة ، وتخضع مثل هذه التصرفات القانونية تحت بند التجريم وفق قوانين العقوبات العراقية ، وهيئة النزاهة هي المختصة بالنظر بمثل هكذا دعاوى عندما يتم تحريكها.
وتثير ظاهرة استيلاء الأحزاب والميليشيات على عقارات الدولة ، مخاوف لدى ناشطين في مجال حقوق الإنسان ، من تنامي نفوذ الفصائل المسلحة ، ما يشكل تهديدًا خطيرًا لحياتهم المدنية ، ويبعث على التساؤل حول دور الحكومة وقدرتها على إيقاف هذه الفوضى على حد تعبير عدد كبير منهم.

الصورة الرمزية لـ وكالة انباء العراقية